بسم الله الرحمن الرحيم
تفضلوا ........
ثلاثية أطفال الحجارة
1
بَهروا الدُنيا
وما في يدِهِمْ إلا الحجارةْ
وأضاءوا كالقَناديلِ
وجاءوا كالبشارةْ
قاوَموا وانْفجَروا واسْتَشْهدوا
وبقينا دِبَبَاً قُطْبيْةً
صُفِّحَتْ أجْسادُها ضِدَّ الحرارةْ
قاتلوا عنَّا إلى أنْ قُتلوا
وبَقينا في مَقاهينا
كبُصاقِ المَحارَةْ
واحدٌ
يبحثُ منا عنْ تجارةْ
واحدٌ
يطلبُ ملياراً جديداً
وزواجاً رابعاً
ونُهوداً صَقَلَتْهُنَّ الحضارةْ
واحدٌ
يبحثُ في لندنٍ عنْ قصْرٍ مَنيفٍ
واحدٌ
يَعْمَلُ سِمْسارَ سلاحٍ
واحدٌ
يطْلُبُ في الباراتِ ثارهْ
واحدٌ
يبحثُ عنْ عَرْشٍ وَجَيْشٍ
وإمارةْ
آه يا جيلَ الخياناتِ
ويا جيلَ العُمولاتِ
ويا جيلَ النِفاياتِ
ويا جيلَ الدعارةْ
سَوْفَ يَجْتاحُكَ مَهْما أبْطأَ التاريخُ
أطفالُ الحجارةْ
2
يا تلاميذَ غَزَّةٍ
عَلِّمونا
بعْضَ ما عِنْدكُمْ
فَنَحْنُ نَسينا
عَلِّمونا
بأنْ نكونَ رجالاً
فلدينا الرجالُ
صاروا عَجينا
عَلِّمونا
كيْفَ الحِجارَةُ تَغْدو
بَيْنَ أَيْدي الأطفالِ
ماساً ثَمينا
كَيْفَ تَغْدو
دَرَّاجةُ الطِفْلِ لُغْماً
وَشَريطُ الحَريرِ
يَغْدو كَمينا
كَيْفَ مَصَّاصَةُ الحَليبِ
إذا ما اعْتقلوها
تَحَوَّلتْ سِكِّينا
يا تلاميذَ غَزَّةٍ
لا تُبالوا
بإِذاعَاتِنا
ولا تَسْمَعونا
اضْرَبوا
اضْرَبوا
بِكُلِّ قِواكُمْ
واحْزموا أَمْركُمْ
ولا تَسْألونا
نَحْنُ أهلُ الحسابِ والجَمْعِ والطَّرْحِ
فخُوضوا حُروبَكُمْ واتْركونا
إنَّنا الهارِبونَ
منْ خِدمةِ الجيشِ
فهاتوا حِبالَكُمْ واشْنقونا
نحنُ مَوْتى لا يمْلكونَ ضَريحاً
ويَتَامى لا يملكونَ عُيونا
قدْ لزِمنا جُحورنا
وطلبنا مِنْكُمُ
أنْ تُقاتلوا التنينا
قَدْ صَغُرْنا أمامَكُمْ ألفَ قرْنٍ
وَكَبُرْتُمُ خلالَ شَهْرٍ قُرونا
يا تلاميذَ غَزَّةٍ لا تَعودوا
لكِتاباتِنا ولا تَقْرؤونا
نحْنُ آباؤكُمْ
فلا تُشْبِهونا
نحْنُ أصْنامُكُمْ
فلا تَعْبُدونا
نَتَعاطى القاتَ السِّياسيَّ والقَمْعَ
ونبْني مَقابِراً وسُجونا
حَرِّرونا منْ عُقْدَةِ الخَوْفِ فينا
واطْرُدوا مِنْ رُؤوسنا الأَفْيونا
عَلِّمونا فَنَّ التَشَبُّثِ بالأَرْضِ
ولا تَتْركوا
المسيحَ حَزينا
يا أحِبَّاءنا الصِّغارَ
سلاما
جعلَ اللهُ يَوْمكُمْ ياسَمينا
منْ شُقُوقِ الأَرْضِ الخَرَابِ طَلَعْتُمْ
وزَرَعْتُمُ جِراحَنا نِسْرينا
هذهِ ثَوْرةُ الدَّفاتِرِ والحِبْرِ
فكونوا على الشِّفاهِ
لُحونا
أمْطِرونا بُطُولةً وشُموخا
واغْسِلونا مِنْ قُبْحِنا
اغْسِلونا
لا تَخافوا موسى
ولا سِحْرَ موسى
واسْتَعِدوا
لتَقْطُفوا الزَيْتونا
إنَّ هذا العَصْرَ اليَهوديَّ وَهْمٌ
سَوْفَ يَنْهارُ
لوْ مَلَكْنا اليَقينا
يا مَجانينَ غزَّةٍ
ألفَ أهلاً بالمجانينِ
إنْ هُمُ حَرَّرونا
إن عَصْرَ العَقْلِ السِّياسيِّ
ولَّى مِنْ زمانٍ
فَعَلِّمونا الجُنونا
3
يَرْمي حجراً
أوْ حَجَرَيْنْ
يَقْطَعُ أفْعى إسرائيلَ إلى نِصْفَيْنْ
يَمْضَغُ لَحْمَ الدَّباباتِ ويَأتينا
منْ غيرِ يدينٍ في لحظاتٍ
تَظْهَرُ ارْضٌ فَوْقَ الغَيْمِ
ويولدُ وَطَنٌ في العَيْنَيْنِ
في لحظاتٍ
تَظْهرُ حَيْفا
تَظْهرُ يافا
تَأْتي غَزَّةٌ في أمْواجِ البَحْرِ
تُضيءُ القُدْسَ
كمِئْذَنةٍ بَيْنَ الشَّفَتَيْنِ
يَرْسُمُ فَرَساً
مِنْ ياقوتِ الفَجْرِ
وَيَدْخُلُ كالإسْكَنْدَرِ ذي القَرْنَيْنِ
يَخْلعُ أَبْوابَ التَّاريخِ
وَيُنْهي عَصْرَ الحشَّاشينَ
ويُقْفلُ سوقَ القوَّادينَ
وَيَقْطَعُ أيْدي المُرْتَزِقينَ
ويُلْقي تِرْكةَ أَهْلِ الكَهْفِ
عَنِ الكَتِفَيْنِ
في لَحَظاتٍ
تَحْبَلَ أشْجارُ الزَّيْتونِ
يَدُرُّ حليبٌ في الثَّدْيَيْن
يَرْسُمُ أرْضاً في طَبَريا
يَزْرَعُ فيها سُنْبُلَتَيْن
يَرْسُمُ بَيْتاً فَوْقَ الكَرْمَلِ
يَرْسُمُ أُمَّاً تَطْحَنُ عِنْدَ البَابِ
وفِنْجانَيْن
في لَحَظاتٍ تَهْجُمُ رائِحةُ اللَّيْمونِ
ويولَدُ وَطَنٌ في العَيْنَيْن
يرْمي قَمَراً مِنْ عَيْنَيْهِ السَّوْداوَيْنِ
وقدْ يرْمي قَمَرَيْن
يرْمي قلَماً
يرْمي كُتُباً
يرْمي حِبْراً
يرْمي صَمْغاً
يرْمي كُرَّاساتِ الرَّسْمِ
وفُرْشاةَ الأَلْوانْ
تَصْرُخُ مَرْيَمُ يا وِلداهُ
وتأْخذُه بيْنَ الأحْضانْ
يَسْقطُ ولدٌ
في لحظاتٍ
يولَدُ آلافُ الصِّبْيانْ
يَكْسِفُ قَمَرٌ غَزَّاويٌّ
في لحظاتٍ
يَطْلعُ قَمَرٌ مِنْ بيسانْ
يَدْخُلُ وَطَنٌ للزِنْزانَةِ
يولَدُ وَطَنٌ في العيْنَيْنِ
يَنْفضٌ عنْ نَعْلَيْهِ الرَّمْل
ويَدْخُلُ في مَمْلكَةِ الماءْ
يَفْتحُ أُفُقاً آخر
يُبْدِعُ زَمَناً آخر
يَكْتُبُ نَصَّاً آخر
يَكْسِرُ ذاكرةَ الصَّحْراءْ
يَقْتلُ لُغةً مُسْتهْلَكةً
مُنْذُ الهمْزَةِ حتَّى الياءْ
يَفْتَحُ ثُقْباً في القاموسِ
ويُعْلنُ موْتَ النَّحْوِ
ومَوْتَ قصائِدنا العصْماءْ
يَرْمي حجراً
يبْدأُ وَجْهُ فلسطينَ
يَتَشَكَّلُ مثلَ قصيدةِ شِعْرٍ
يَرْمي الحجرَ الثاني
تَطْفو عكَّا فوقَ الماءِ قصيدةَ شِعْر
يَرْمي الحجرَ الثالثَ
تَطْلُعُ رامَ الله بنفْسَجةً منْ ليْلِ القَهْرْ
يَرْمي الحجرَ العاشرَ
حتَّى يَظْهرَ وَجْهُ اللهِ
ويَظْهرُ نورُ الفجْر
يَرْمي حَجَرَ الثَّوْرةِ
حتَّى يَسْقُطَ آخرُ فاشِسْتيٍ
مِنْ فاشِسْتِ العَصْرْ
يَرْمي
يَرْمي
يَرْمي
حتَّى يَقْلَعَ نَجْمَةَ داوودٍ
بِيَدَيْهِ
وَيَرْميها في البَحْرْ
تَسْأَلُ عَنْهُ الصُّحُفُ الكُبْرى
أيُّ نَبيٍ هذا القادِمُ مِنْ كَنْعانْ ؟
أيُّ صَبيٍ
هذا الخارِجُ مِنْ رَحِمِ الأَحْزانْ ؟
أيُّ نَباتٍ أُسْطوريٍّ
هذا الطَّالعُ مِنْ بَيْنِ الجُدْرانْ ؟
أيُّ نُهورٍ مِنْ ياقوتٍ
فاضَتْ مِنْ ورقِ القُرآنْ ؟
يَسْألُ عَنْهُ العَرَّافونَ
ويَسْألُ عَنْهُ الصوفِيُّونَ
وَيَسْألُ عَنْهُ البوذِيُّونَ
وَيَسْألُ عَنْهُ مُلوكُ الجانْ
مَنْ هذا الولَدُ الطَّالعُ
مِثْلَ الخَوْخِ الأَحْمَرِ
مِنْ شَجَرِ النِّسْيانْ ؟
مَنْ هوَ هذا الوَلَدُ الطَّافِشُ
مِنْ صُوَرِ الأجْدادِ
ومِنْ كَذبِ الأحفادْ
وَمِنْ سِرْوالِ بني قَحْطانْ ؟
مَنْ هوَ هذا الباحِثُ
عَنْ أَزْهارِ الحُبِّ
وَعَنْ شَمْسِ الإنْسانْ ؟
وَمَنْ هوَ هذا الوَلَدُ المُشْتَعِلُ العَيْنَيْنِ
كآلِهَةِ اليونانْ ؟
يَسْألُ عَنْهُ المضْطهدونَ
وَيَسْألُ عَنْهُ المقْموعونَ
وَيَسْألُ عَنْهُ المنْفيُّونَ
وَتَسْألُ عَنْهُ عصافيرٌ خَلْفَ القُضْبانْ
مَنْ هوَ هذا الآتي
مِنْ أوْجاعِ الشَّمْعِ
ومِنْ كُتُبِ الرُّهْبانْ ؟
مَنْ هوَ هذا الوَلَدُ
التَبْدَأُ في عَيْنيهِ
بِدايَاتُ الأكْوانْ ؟
مَنْ هوَ
هذا الولَدُ الزَّارعُ
قَمْحَ الثَّوْرةِ
في كُلِّ مكانْ ؟؟
يَكْتُبُ عَنْهُ القَصَصِيُّونَ
ويَرْوي قِصَّتهُ الرُكْبانْ
مَنْ هوَ هذا الطِّفْلُ الهارِبُ مِنْ شِلَلِ الأَطْفالِ
وَمِنْ سوسِ الكَلماتْ ؟
مَنْ هوَ ؟
هذا الطَّافِشُ مِنْ مَزْبَلَةِ الصَّبْرِ
وَمِنْ لُغَةِ الأَمْواتْ ؟
تَسْألُ صُحُفُ العالمِ
كَيْفَ صَبيٌّ مِثْلُ الورْدةِ
يَمْحو العالَمَ بِالمِمْحاةْ ؟
تَسْألُ صُحُفٌ في أَمْريكا
كَيْفَ صَبيٌّ غَزَّاوِيٌّ
حِيفاوِيٌّ
عَكَّاوِيٌّ
نَابُلْسِيٌّ
يَقْلبُ شاحنَةَ التَّاريخِ
وَيَكْسرُ بلْلَوْرَ التَّوْراةْ ؟؟
اعتزال التمثيل
هذا هوَ الواقِعُ يا عزيزَتي ..
بلا مساحيقَ ولا تَجْميلْ
فقرِّري .. ما شِئْتِ أنْ تُقَرِّري
فالجُرْحُ لا يَحْتَمِلُ التأجيلْ
لقدْ تَساوي حُبُّنا .. وكُرْهْنا
وأصْبَحَ البقاءُ كالرحيلْ
عزيزتي :
لقدْ قرأنا صُحُفُ الصَّباحِ مرَّتيْنْ
وقدْ تَطَلَّعْنا إلي السَّاعَةِ مرَّتيْنْ
وقدْ تصافَحْنا ـ كما أذْكُرُ ـ مرَّتينْ
ولمْ يَعُدْ أمامَنا ما نَفْعَلُ
فنَحْنُ مُنْذُ ساعَتيْنْ
يَقْتُلُنا الفراغُ والتَّمَلْمُلُ
أنا هُنا .. تَمْتَصُّني سجائري
وأنْتِ مُسْتَوْحِشَةٌ ..
بارِدَةُ اليَدَيْنْ ..
فحاوِلي أنْ تَفْهمي ..
أنَّ طُيورَ الحُبِّ لا تَطيرُ مَرَّتَيْنْ
فالحُبُّ يا صَديقَتي مُسافِرٌ
يأْتي إليْنا مرَّةً .. ويَرْحَلُ ..
هذا هوَ الواقِعُ يا عزيزَتي
بِحُلْوِهِ ، ومُرِّهِ
بخَيْرِهِ ، وشَرِّهِ
وَوَجْهِهِ القبيحِ والجَميلْ
أَعْرِضُهُ عليكِ في تَجَرُّدٍ
فأنتِ لستِ امرأةً ساذِجةً
ولا أنا أحْتَرِفُ التَّمْثيلْ
يا ليْتَنى أقْدِرُ يا صديقَتي
أنْ أُتْقِنَ التَّمْثيلْ ..
5 دقائق
اجلسي خمس دقائقْ
لا يريد الشعر كي يسقط كالدرويش
في الغيبوبة الكبرى
سوي خمس دقائقْ
لا يريد الشعر كي يثقب لحم الورق العاري
سوي خمس دقائقْ
فاعشقيني لدقائقْ
واختفي عن ناظري
بعد دقائقْ
لست أحتاج سوي علبة كبريتٍ
لإشعال ملايين الحرائقْ
إن أقوي قصص الحب التي أعرفها
لم تدمْ أكثر من خمس دقائقْ
22نيسان
المَسا ، شَلّالُ فَيْروزٍ ثَري
وبِعَيْنَيْكِ أُلوفِ الصُّوَرِ
وأنا مُنْتَقلٌ بَيْنَهُما
ضَوْءُ عَيْنَيْكِ وَضَوْءُ القَمَرِ
وبِعيْنَيْكِ مَرَايا اشْتَعَلَتْ
وبِحارٌ وُلِدَتْ مِنْ أَبْحُرِ
وانْفِتاحاتٌ على صَحْوٍ ..
على جُزُرٍ لَيْسَتْ بِبالِ الجُزُرِ
رِحْلَتي طالَتْ .. أَما مِنْ مِرْفأٍ
فيهِ أَرْسو عَسَليَّ الحَجَرِ ؟
أنا عَيْناكِ .. أنا كُنْتهُما
قَبْلَ بَدْءِ البَدْءِ قَبْلَ الأَعْصُرِ
أنا بَعْثَرْتُ نجومي فيهِما
زُمَرٌ تَسْألُني عَنْ زُمَرِ
ما المصابيحُ التي تَغْلي على
فَتْحَتَيْ عَيْنَيكِ إلا فِكَري
المشاويرُ التي لَمْ نَمْشِها
بَعْدُ تَدْعوكِ فلا تَفْتَكري
رَجَعَ الصّيْفُ لِعَيْنَيْكِ ولي
فالدُّنا مَرْسومَةٌ بالأَخْضَرِ
وَأَراجيحٌ لَنا مَعْقودَةً
إنْ تَمَسِّيها بهُدُبٍ .. تَطِرِ
نَحْنُ مَنْثورُ الرُّبي .. مَضْعفُها
شَهْقَةُ النَّجْماتِ في المنْحَدَرِ
تُعْرَفُ القِمَّةُ مِنْ طَرْزِها
بالأَغاني .. بِرفُوفِ الزَّهْرِ
إنَّهُ أَوَّلُ صَيْفٍ مَرَّ بي
وسِواهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ عُمْري
مَنْ تَكونينَ ؟ أَيا أُغْنِيةً
دِفْؤها فَوْقَ احْتمالِ الوَتَرِ
أنْتِ يا وَعْداً بِصَحْوٍ مُقْبلٍ
بِعَطايا فَوْقَ وِسْعِ البَيْدَر
الثَّواني قَبْلُ عَيْنَيْكِ سُدى
وافْتِكارٌ بإِنائَيْ جَوْهَرِ
وتَوَقَّعْتُكِ دَهْراً .. فَإِذا
بِكِ فَوْقَ المُرْتجى المُنْتَظَرِ
فَوْقَ ما يَحْلُمُ ثَلْجٌ بِذُرى
وتُرابٌ بِرُجوعِ المَطَرِ
لَوْ مَعي حُبُّكِ لاجْتَحْتُ الذُّرى
ولَحَرَّكْتُ ضَميرَ الحَجَرِ
ولَجمّعْتُ الدُّنا كلَّ الدُّنا
في عُرى هذا القَميصِ الأَحْمَرِ
فاتْرُكيهِ واتْرُكيني نَبَأً
لَمْ يَجُلْ بَعْدُ بِفِكْرِ المُضمَر
أيُّ فَضْلٍ لَكِ في الدُّنْيا إذا
أَنْتِ لَمْ تَحْتَرِقي كالشَّرَرِ
ضَلَّ إزْميلى إذا لَمْ تُصْبحي
قَمراً أوْ شُرْفَةً في قَمَري
أبو جهل يشتري « فليت استريت »
1
هلِ اخْتفتْ من لندنٍ ؟
باصاتُها الجميلةُ الحمراءْ
وصارتْ النوقُ التي جئْنا بها من يَثْرِبٍ
واسِطةَ الركوبِ,
في عاصِمةِ الضبابْ ؟
2
تسرْبَ البدو إلى
قصر بَكِنْغهامَ
وناموا في سرير الملكةْ
والانجليزُ, لملموا تاريخهمْ ..
وانصرفوا ..
واحترفوا الوقوفَ ـ مثلما كنا ـ
على الأطلالِ ..
3
ها هم بنو تَغْلَبٍ ..
في (سوهو) ..
وفي (فيكتوريا) ..
يُشمْرون ذيلَ دَشْداشاتِهِمْ
ويرقصونَ الجَازْ ..
4
هلْ أصْبحت انْجلْترا ؟
تصحو على ثَرْثرةِ البدو ..
وسيمفونيةِ النِعالْ ؟
5
هلْ أصبحتْ انجلترا ؟
تمشي على الرصيفِ, بالخُفِّ .. وبالْعِقالْ ؟
وتَكْتبُ الخَطَّ منَ اليمينِ للشمالْ ..
سُبْحانهُ مُغيُّرُ الأحْوالْ!!
6
عنترةٌ .. يبْحثُ طول الليلِ, عنْ رُوميَّةٍ
بيضاءَ كالزُبْدةْ ..
أوْ مَليسةِ الفخْذينِ .. كالهلالْ
يأْكُلها كبيضةٍ مَسْلوقةٍ
منْ غَيْرِ مِلْحٍ ـ في مدى دقيقةْ ـ
ويرْفعُ السروالْ!!
7
لمْ يبقَ في البارْكاتِ ..
لا بطٌ , ولا زهرٌ, ولا أعْشابْ
قد سَرَحَ الماعزُ في أرْجائِها
وفرَّتْ الطيورُ من سمائِها
وانْتصر الذبابْ ..
8
ها هُم بنو عبسٍ .. على مداخلِ الِمتْرو
يَعُبُّونَ كؤوسَ البيرةِ المُبَرَّدةْ ..
وينْهشونَ قطعةً ..
من نَهْدِ كلِّ سيدةْ ..
9
هلْ سَقطَ الكبارُ من كُتَّابنا
في بورصةِ الريالْ ؟
هل أصْبحتْ انجلترا عاصمةَ الخلافةْ ؟
وأصبح البترولُ يمشي ملكاً ..
في شارعِ الصحافةْ ؟
10
جرائدٌ ..
جرائدٌ ..
جرائدْ ..
تنتظر الزبونَ في ناصيةِ الشارعِ,
كالبَغايا ..
جرائدٌ, جاءتْ إلى لندنَ,
كيْ تُمارسَ الحريةْ ..
تحولتْ ـ على يدِ النِفْط ـ
إلى سبايا ..
11
جِئْنا لأوروبا ..
لكي نَشْربَ منْ منابعِ الحضارَةْ
جئنا .. لكيْ نبحثَ عن نافذةٍ بحْريةٍ
مِنْ بَعدِ ما سدوا علينا عنقَ المحارةْ
جئنا .. لكي نكتبَ حُرياتِنا
منْ بَعْدِ أنْ ضاقَتْ على أجْسادنا العبارةْ
لكننا .. حينَ امْتلكنا صُحُفاً,
تحولتْ نصوصُنا
إلى بيانٍ صادرٍ عَنْ غُرْفَةِ التجارةْ ..
12
جِئْنا لأوروبا
لكَيْ نَسْتَنْشِقَ الهَواءْ
جئنا .. لكَيْ نَعْرفَ ما ألْوانُها السَماءْ ؟
جئْنا .. هُروباً منْ سِياطِ القَهْرِ, والقَمْعِ,
ومنْ أذَى داحِسَ والْغَبْراءْ ..
لكنْنا .. لمْ نَتَأمَّلْ زَهْرةً جميلةْ
ولمْ نُشاهِدْ مَرَّةً, حَمامَةً بيضاءْ
وظَلَّتِ الصَّحْراءُ في داخِلنا ..
وظلَّتِ الصَّحراءْ ..
13
مِنْ كُلِّ صَوبٍ .. يهْجُمُ الجَرادْ
ويَأْكُلُ الشِّعْرَ الذي نَكْتبهُ ..
ويشْربُ المدادْ
من كلِّ صوبٍ ..
يهجمُ (الايدزُ) على تاريخنا
ويحصدُ الأرواحَ, والأجسادْ
من كلِّ صوبٍ ..
يُطْلقونَ نِفْطَهُمْ علينا
ويَقْتُلونَ أجْملَ الجيادْ ..
فكاتبٌ مُدَجَّنٌ ..
وكاتبٌ مُسْتَأْجَرٌ ..
وكاتبٌ يُباعُ في المزَادْ
هلْ صارَ زيتُ الكازِ في بلادنا مُقدَّساً ؟
وصارَ للْبِتْرولِ في تاريخِنا, نُقْادْ ؟
14
للواحدِ الأَوْحَدِ .. في عَلْيائِهِ
تَزْدانُ كلُّ الأَغْلفَةْ ..
وَتُكْتبُ المدائِحُ المُزَيَّفةْ ..
ويزْحفُ الفِكْرُ الوصُوليُّ على جَبينِهِ
ليَلْثُمَ العَباءَةَ المُشَرَّفةْ ..
هلْ هذهِِ صحافةٌ ..
أمْ مكْتبٌ للصَّيْرفَةْ ؟
15
كلُ كلامٍ عِندهُمْ , مُحَرَّمٌ
كلُّ كتابٍ عندهمْ, مَصْلوبْ
فكيفَ يسْتوعبُ ما نكْتُبهُ ؟
منْ يقْرأُ الحروفَ بالمقلوبْ!!
16
على الذي يُريدُ أنْ يفوزَ
في رِئاسةِ التَّحْريرْ ..
عَليهِ .. أنْ يبوسَ رُكْبةَ الأَميرْ ..
عليهِ .. أنِْ يمْشي على أَرْبعةٍ
كيْ يَرْكبَ الأَميرْ!!
17
لا يَبْحثُ الحاكِمُ في بلادِنا
عنْ مُبْدعٍ ..
وإنْما يبْحثُ عن أجيرْ ..
18
يُعْطي طويلَ العُمْرِ .. للصَّحافةِ المُرْتَزِقَةْ ..
مَجْموعةً منَ الظُروفِ المُغْلقَةْ ..
وبَعْدها ..
يَنْفجِرُ النباحُ ..
والشَّتائِمُ المُنسَّقَةْ ..
19
ما لِلْيساريْينِ مِنْ كُتَّابنا ؟
قدْ تَركوا ( لينينَ ) خَلْفَ ظَهْرِهِمْ
وقرْرَوا .. أنْ يَرْكبوا الجِمَالْ!!
20
جِئْنا لأوروبَّا ..
لكَيْ نَنْعمَ في حُرِّيْةِ التَّعْبيرْ
ونَغْسلَ الغُبارَ عنْ أجْسادِنا
ونَزْرعَ الأَشْجارَ في حَدائِقِ الضَّميرْ
فكَيفَ أصْبحْنا, مَعَ الأيّامِ ,
طَبَّاخينَ .. في مَضَافَةِ الْإسْكَنْدرِ الكبيرْ ؟؟
21
كُلُّ العصافيرِ التي
كانتْ تَشُقُّ زُرْقةَ السَّماءِ,
في بَيروتَ ..
وتَمْلأُ الأشْجارَ والبَيَادِرْ ..
قَدْ أحْرقَ البِتْرولُ كِبْرياءَها
وريشَها الجَميلَ .. والْحَناجِرْ ..
فَهْيَ على سُقُوفِ لنْدنٍ ..
تَموتْ ..
22
يَسْتعْمِلونَ الكاتِبَ الأخَيرَ .. في أَغْراضِهِمْ
كَرَبْطَةِ الحِذاءْ ..
وعِنْدما يَسْتَنْزفونَ حِبْرَهُ ..
وفِكْرَهُ ..
يَرْمونَهُ في الرِّيحِ, كَالأَشْلاءْ ..
23
هذا لهُ زاويةٌ يَوْميَّةٌ ..
هذا لهُ عَمودْ ..
والفارِقُ الوَحيدُ, فيما بَيْنهُمْ
طَريقةُ الرُّكوعِِ ..
والسُّجودْ ..
24
لا تَرْفَعِ الصَّوْتَ .. فأَنْتَ آمِنْ
ولا تُناقِشْ أبداً مُسدَّساً ..
أَوْ حاكِماً فَرْداً ..
فَأَنْتَ آمِنْ ..
وكُنْ بلا لَوْنٍ, ولا طَعْمٍ, ولا رائِحَةٍ ..
وكُنْ بلا رَأْيٍ ..
ولا قَضِيَّةٍ كُبْرى ..
فَأَنْتَ آمِنْ ..
واكْتُبِ الطَّقْسَ,
وعَنْ حُبوبِ مَنْعِ الحَمْلِ ـ إنْ شِئْتَ ـ
فأنْتَ آمِنْ ..
هذا هُوَ القانونُ في مَزْرعةِ الدَواجِنْ ..
25
كَيْفَ تُرى, نُؤَسِّسُ الكِتابةْ ؟
في مِثْلِ هذا الزَمَنِ الصَّغيرْ
والرَّمْلُ في عُيونِنا
والشَّمْسُ مِنْ قَصْديرْ
والكاتِبُ الْخَارِجُ عنْ طاعَتِهمْ
يُذْبَحُ كَالبَعيرْ ..
26
أيا طويلَ العُمْرِ:
يا منْ تَشْتري النساءَ بالأرطالْ ..
وتَشْتري الأقْلامَ بالأرْطالْ ..
لسْنا نريدُ أيَّ شيءٍ منكَ ..
فانْكَحْ جواريكَ كما تريدُ ..
واذبَحْ رعاياكَ كما تريدُ ..
وحاصِرِ الأمَّةَ بالنارِ .. وبالحديدْ ..
لا أحدٌ ..
يريدُ منكَ ملْكَكَ السَّعيدْ ..
لا أَحدٌ يريدُ أن يَسْرقَ منكَ جِبَّةَ الخِلافةْ ..
فاشْرب نبيذَ النفطِ عن آخرهِ ..
واتركْ لنا الثقافةْ ..
أبي
أماتَ أبوكَ ؟ ضلالٌ ..
أنا لا يموتُ أبي ..
ففي البيتِ منهُ
روائحُ ربٍّ .. وذِكْرَى نَبِي
هُنا ركنُهُ .. تلكَ أشياؤهُ
تَفَتَّقُ عن ألفِ غُصنٍ صبي
جريدتُهُ ، تَبغُهُ ، مُتَّكاهُ
كأنَّ أبي ـ بَعْدُ ـ لَمْ يَذْهَبِ
وصَحْنُ الرَّمادِ .. وفنجانُهُ
على حالهِ .. بعدُ لم يُشرَبِ
ونَظَّارَتَاهُ .. أَيَسْلُو الزُجَاجُ
عيوناً أشفَّ منَ المغربِ
بقاياهُ، في الحُجُراتِ الفِساحِ
بقايا النُّسورِ على المَلْعَبِ
أَجُولُ الزوايا عليه ، فحيثُ
أمُرُّ .. أمُرُّ على مُعْشِبِ
أشدُّ يديهِ .. أميلُ عليهِ
أصلّي على صدرهِ المُتعَبِ
أبي .. لم يزلْ بينَنا ، والحديث
حديثُ الكؤوسِ على المَشرَبِ
يسامرُنا ، فالدَّوالي الحُبَالَى
تَوالَدُ مِن ثغرِهِ الطيّبِ
أبي خَبَراً كانَ من جنّةٍ
ومعنى من الأرحَبِ الأرحبِ
وَعَيْنا أبي .. ملْجَأٌ للنُجومِ
فهلْ يذكرُ الشرقُ عينَيْ أبي ؟
بذاكرةِ الصّيفِ من والدي
كرومٌ ، وذاكرةُ الكوكبِ
أبي يا أبي .. إنَّ تاريخَ طيبٍ
وراءكَ يمشي ، فلا تتعبِ
على اسمكِ نَمْضي ، فمن طيّبٍ
شهيِّ المجاني ، إلى أطيَبِ
حَمَلْتُكَ في صَحْوِ عينيَّ .. حتّى
تهيّأَ للناسِ أنّي أبي
أشيلُكَ حتّى بنبرةِ صوتي
فكيفَ ذهبتَ .. ولا زلتَ بي ؟
إذا فُلَّةُ الدارِ أعطتْ لَدَينا
ففي البيتِ ألفُ فمٍ مُذهَبِ
فَتَحنا لتَمّوزَ أبوابَنا
ففي الصيفِ لا بُدَّ يأتي أبي
أثواب
ألوان أثوابها تجري بتفكيري
جري البيادر في ذهن العصافير
ألا سقى الله أياما بحجرتها
كأنهن أساطير الأساطير
أين الزمان وقد غصت خزانتها
بكل مستهتر الألوان معطور
فثم رافعة للنهد .. زاهية
إلي رداء يكون الوجد مسعور
إلى قميصي كشف الكم مغتلم
إلى وشاح هريق الطيب, مخمور
هل المخادع مثلي كسالفها
تزهو بكل لطيف الوشي منضور
وهل منامتك الصفراء .. ما برحت
تفتر عن طيب الأنفاس معطور
هل أنت أنت .. وهل مازلت هاجمة
النهدين .. مجلوة مثل التصاوير ؟
وصدرك الطفل .. هل أنسى مراسمه
وحلمات عليها قطرتا نور
وأين شعرك ؟ اطويه .. وانشره
ما بين منفلت حر .. ومضفور
إن المخدات بالأشواق سابحة
حيرى على ربوتي ضوء و بلور
وللغريزة لفتات مهيجة ..
لكل منحسر .. أو نصف مسحور
اهفوا إلى طيبك الجاري كما اجتمعت
على المنابع أعناق الشحارير ..
أجمل نصوصي
1
أنت النص الأجمل بين نصوصي .
أنت الجسد الراوي شعراً ..
أنت الجسد الصائغ أدبا.
أنت قوام تاريخي .
يروي قصصاً .
يعزف ناياً .
يكتب كتبا .
2
ماذا سوف أضيف إلى أمجادك
يا سيدتي ؟
أنت امرأة تقلق عصراً .
تقلق لغة .
تشعل في الكلمات اللهبا .
تطلع شمساً من عينيها .
تطلع قمحاً من إبطيها .
تطلع من سرتها ذهبا .
3
أنت امرأة ليست تنسى .
أنت الفرح الآتي من أشياء الأنثى .
أنت القمر الطالع من أعماق حقيبتها .
أنت الحجل النائم في طيات ضفيرتها ..
أنت السمك الراقص فوق مياه أصابعها
أنت الأصل .. وكل ذكور العالم
ليسوا فوق قميصك إلا زغبا !! ..
4
يا واحدتي :
إنك وجه إغريقي لا يتكرر .
حالة شعر لا تتكرر .
نوبة صرع لا تتكرر .
أنت ثقافة هذا العصر ..
وأنت الشعر ، وأنت النثر .
وأنت البر ، وأنت البحر .
وأنت فتافيت السكر .
أنت حضارة هذا الكون ،
وأنت الخير ، وأنت العدل ،
وأنت هلال الحب الأخضر ..
5
يا آتية من ألوان الطيف ..
ومن رائحة الصيف
ومن عبق الزعتر .
يا من نأكل من أشجار أنوثتها ..
يا من نقطف من شفتيها ..
لوزاً ..
خوخاً ..
تيناً ..
عنبا ..
6
شكراً ، يا سيدتي ، شكراً .
أنت ملأت يدينا رزقاً .
أنت ملأت دروب المنفى رطبا .
لو لم أبصر وطني الثاني في عينيك ..
لكانت هذي الدنيا كذبا ..
7
يا زارعة عمري شجراً .
يا مالئة ليى شهبا .
لولا حبك ..
كان القلب جليداً ..
كان العالم خشباً !!..
أحبك
احبك حتى يتم انطفائي
بعينين .. مثل اتساع السماء
إلى أن أغيب رويدا .. رويدا
بأعماق منجدل كستنائي
إلى أن أحس بأنك بعضي
و بعض ظنوني .. و بعض دمائي
أحبك غيبوبة لا تفيق
أنا عطش يستحيل ارتوائي
أنا جعدة في مطاوي قميص
عزفت بنفضاته كبريائي
أنا عفو عينيك .. أنت كلانا
ربيع الربيع .. عطاء العطاء
أحبك لا تسألي أي دعوى
جرحت الشموس أنا بادعائي
إذا ما أحبك .. نفسي أحب
نحن الغناء ورجع الغناء
أحبك
أحبـك ، لا ادري حـدود محبتي
طبـاعي أعاصـيرٌ .. وعاطفتي سيـلُ
وأعرفُ أنـي مُتْـعبٌ يا صـديقتي
وأَعْـرفُ أني أهْـوجٌ .. أنْني طِفْـلُ
أحبُّ بأعْصـابي .. أحِبُّ بريشـتي
أحِبُّ بِكُـلِّي .. لا اعتدالٌ ولا عقْـلُ
أنـا الحبُّ عنـدي جِـدَّةٌ وتطرُّفٌ
وتكسيرُ أبعـادٍ .. ونارٌ لهـا أُكْـلُ
وتحْطيم أسـوارِ الثـواني بلمحـةٍ
وفتْـحُ سـماءٍ كلهـا أعْيُنٌ شُهْـلُ
وتخْطيـط أكـوانٍ .. وتعميرُ أنجـمٍ
ورسمُ زمانٍ مالـهُ .. مالـهُ شَكْـلُ
أنـا من أنـا ، فلتقبليني مُغامـراً
تجارتهُ الأشبـاحُ ، والوهـمُ ، والليلُ
أحبـكِ تعتزينَ في خمـسَ عشرةٍ
ونَهْـدُكِ في خيـرٍ .. وخَصْرُكِ مُعتّلُّ
وصـدْرُكِ ممـلوءٌ بألفِ هـديةٍ
وثَغْـرُكِ دفْـاقُ الينابيعِ .. مُبْتَـلُّ
تعيشينَ بي كالـعِطْرِ يحيـا بورْدَةٍ
وكالخمْرِ في جوْفِ الخـوابي لها فِعْـلُ
وقَبْلُكِ لم أوجـد .. فلمـا مرَرْتِ بي
تساءلتُ في نفسي : تُري كُنتُ منْ قبْلُ ؟
بعينيـكِ قـد خبَّأْتُ أحلي قصائدي
إذا كان لي فضْلُ الغِنـا .. فلك الفَضْـلُ
أحبك ..أحبك .. والبقية تأتي
حديثك سجادة فارسية
وعيناك عصفورتان دمشقيتان
تطيران بين الجدار وبين الجدار ..
وقلبي يسافر مثل الحمامة بين مياة يديك ،
ويأخذ قيلولة تحت ظل السوار ،
واني احبك .. إني احبك
لكن أخاف التورط فيك ،
أخاف التوحد فيك ،
أخاف التقمص فيك ،
فقد علمتني التجارب أن أتجنب عشق النساءِ،
وموج البحارِ ..
أنا لا أناقش حبك .. فهو نهاري
ولست أناقش شمس النهار ،
أنا لا أناقش حبك
فهْو يقرر في أي يوم سيأتي ..
وفي أي يوم سيذهب
وهو يحدد وقت الحوار ، وشكل الحوار ..
.. دعيني اصب لك الشاي ،
أنت خرافية الحسن هذا الصباح ،
وصوتك نقش جميل علي ثوب مراكشية
وعقدك يلعب كالطفل تحت المرايا ..
ويرتشف الماء من شفة المزهرية
دعيني اصب لك الشاي ..
هل قلت أني احبك .. ؟؟
هل قلت أني سعيد لأنك جئت .. ؟؟
وان حضورك يسعد مثل حضور القصيدة ،
ومثل حضور المراكب والذكريات السعيدة ،
دعيني أترجم بعض كلام المقاعد وهْي ترحب فيكِ
دعيني اعبر عما يدور ببال الفناجين وهي تفكر في شفتيك ..
وبال الملاعق والسكرية ..
دعيني أضيفك حرفا جديدا ..
علي الأحرف الأبجدية ..
دعيني أناقض نفسي قليلا
واجمع في الحب بين الحضارة والبربرية ..
ـ أأعجبك الشاي ؟
ـ هل ترغبين ببعض الحليبِ ؟
ـ وهل تكتفين كما كنت دوما بقطعة سكر ؟
ـ وأما أنا ، فأفضل وجهك من غير سكر ..
اكرر للمرة الألف أني احبك
كيف تريدينني أن أفسر ما لا يفسر ؟
وكيف تريدينني أن أقيس مساحة حزني ؟
وحزني كالطفل يزداد في كل يومٍ جمالاً ويكبر
دعيني أقول بكل اللغات التي تعرفين ولا تعرفين ..
أحبك أنت ..
دعيني أفتش عن مفرداتٍ
تكون بحجم حنيني إليك
وعن كلمات تغطي مساحة نهديك
بالماء ، والعشب ، والياسمين
دعيني أفكر عنك ..
واشتاق عنك ..
وابكي ، واضحك عنكِ ..
والغي المسافة بين الخيال وبين اليقين
دعيني أنادي عليك بكل حروف النداءْ ..
لعلي إذا ما تغرغرت باسمك .. من شفتي تولدين
دعيني أأسس دولة عشقٍ
تكونين أنت فيها المليكة ..
وأصبح فيها أنا أعظم العاشقين
دعيني أقود انقلابا يوطد سلطة عينيك بين الشعوب ،
دعيني أغير بالحب وجه الحضارة ..
أنت الحضارة ..
أنت التراث الذي يتكون في باطن الأرض منذ ألوف السنين ..
احبك ..
كيف تريدينني أن أبرهن أن حضورك في الكون ،
مثل حضور المياه ..
ومثل حضور الشجر
وانك زهرة دوار شمس ..
وبستان نخل ..
وأغنية أبحرت في الوتر
دعيني أقولك بالصمت ..
حين تضيق العبارة عما أعاني ..
وحين يصير الكلام مؤامرة أتورط فيها
وتغدو القصيدة آنيةً من حجر ،
دعيني ، أقولك ما بين نفسي وبيني ..
وما بين أهداب عيني وعيني ..
دعيني .. أقولك بالرمز
إن كنت لا تثقين بضوء القمر ،
دعيني أقولك بالبرق أو برزاز المطر ،
دعيني أقدم للبحر عنوان عينيك ..
إن تقبلي دعوتي للسفر
أحبك ..أحبك وهذا توقيعي
1
هل عندك شكٌّ أنك أحلى امرأة في الدنيا؟.
وأهمّ امرأة في الدنيا؟.
هل عندك شك أني حين عثرت عليك..
ملكت مفاتيح الدنيا؟.
هل عندك شك اني حين لمست يديك
تغيّر تكوين الدنيا؟
هل عندك شك أن دخولك في قلبي
هو أعظم يوم ٍ في التاريخ.
وأجمل خبر ٍ في الدنيا؟.
2
هل عندك شك في من أنت؟
يا من تحتل بعينيها أجزاء الوقت
يا امرأة تكسر، حين تمرّ، جدار الصوت
لا أدري ماذا يحدث لي؟
فكأنّك أنثاي الأولى
وكأني قبلك ما أحببت
وكأني ما مارست الحب.. ولا قبّلت ولا قُبّلت..
ميلادي أنت.. وقبلك لا أتذكر أني كنت
وغطائي أنت.. وقبل حنانك لا أتذكر أني عشت..
وكأني أيتها الملكه..
من بطنك كالعصفور خرجت...
3
هل عندك شك أنك جزءٌ من ذاتي
وبأنّي من عينيك سرقت النار..
وقمت بأخطر ثوراتي
أيتها الوردة.. والياقوتة.. والريحانة..
والسلطانة..
والشعبيّة..
والشرعيّة بين جميع الملكات..
يا سمكاً يسبح في ماء حياتي
يا قمراً يطلع كل مساء من نافذة الكلمات..
يا أعظم فتح ٍ بين جميع فتوحاتي
يا آخر وطن ٍ أولد فيه..
وأدفن فيه..
وأنشر فيه كتاباتي..
4
يا امرأة الدهشة.. يا امرأتي
لا أدري كيف رماني الموج على قدميك
لا أدري كيف مشيتِ إليّ..
وكيف مشيت إليك..
يا من تتزاحم كلُّ طيور البحر..
لكي تستوطي في نهديك..
كم كان كبيراً حظي حين عثر عليك..
يا امرأة ًتدخل في تركيب الشعر..
دافئة ٌ أنت كليلة قدر..
من يوم طرقتِ علَّي.. ابتدأ العمر..
5
كم صار جميلاً شعري..
حين تثقّف بين يديك..
كم صرت غنياً.. وقوياً..
لما أهداك الله إليّ..
هل عندك شك أنّك قبسٌ من عينيّ
ويداك هما استمرارٌ ضوئيٌّ ليديّ..
هل عندك شكٌ..
أنّ كلامك يخرج من شفتي؟
هل عندكِ شكٌّ..
أني فيك.. وأنّك في؟؟
6
يا ناراً تجتاح كياني
يا ثمراً يملأ أغصاني
يا جسداً يقطع مثل السيف،
ويضربُ مثل البركان
يا نهداً.. يعبق مثل حقول التبغ
ويركض نحوي كحصان..
قولي لي:
كيف سأنقذ نفسي من أمواج الطوفان..
قولي لي:
ماذا أفعل فيك؟. أنا في حالة إدمان..
قولي ما الحلُّ؟ فأشواقي
وصلت لحدود الهذيان...
7
يا ذات الأنف الإغريقي..
وذات الشَعر الإسباني
يا امرأة ًلا تتكرر في آلاف الأزمان..
يا امرأة ً ترقص حافية القدمين بمدخل شرياني
من أين أتيت؟ وكيف أتيت؟
وكيف عصفت بوجداني؟
يا إحدى نعم الله عليّ..
وغيمة حبٍّ وحنان ٍ..
يا أغلى لؤلؤةٍ بيدي..
آهٍ.. كم ربّي أعطاني..
أحبك في عصر لا يعرف ما هو الحب
1
لست معمارياً شهيراً .
ولا نحاتاً من نحاتي عصر النهضه .
وليس لدي تاريخ طويل مع الرخام ..
ولكنني أود أن أذكرك بما فعلته يداي
لصياغة جسدك الجميل ..
وتزيينه بالأزهار .. والنجوم .. والقصائد ..
ومنمنمات الخط الكوفي ..
2
لا أريد أن أستعرض مواهبي في إعادة كتابتك ..
وإعادة طبعك ..
وإعادة تنقيطك من الألف .. إلى الياء ..
فليس من عادتي أن أعلن عن أي كتاب جديد كتبته ..
وعن أي امرأة كان لي شرف عشقها ..
وشرف تأليفها من قمة رأسها ..
حتى أصابع قدميها ..
فهذا موقف لا يليق بتاريخي الشعري
ولا بكرامة حبيباتي !! ..
3
لا أريد أن أقدم لك حساباً
عن عدد الشامات التي زرعتها على فضة كتفيك ..
وعن عدد القناديل .. التي علقتها في شوارع عينيك ..
وعن عدد الأسماك التي ربيتها في خلجانك ..
وعن عدد النجوم التي وجدتها تحت قمصانك
وعن عدد الحمائم التي خبأتها بين نهديك ..
فهذا موقف لا يليق بكبرياء رجولتي
وكبرياء نهديك ..
4
يا سيدتي .
أنت فضيحة جميلة أتعطر بها ..
قصيدة رائعة أتمنى توقيعها .
لغة تنزف ذهباً .. ولازورداً ..
فكيف يمكنني أن لا أصرخ في ساحات المدينة :
أحبك .. أحبك .. أحبك ؟
كيف يمكنني أن أبقى محتفظاً بالشمس في جواريري؟
كيف يمكنني أن أمشي معك في حديقة عامة
ولا تكتشف الأقمار الصناعيه
أنك حبيبتي؟؟
5
إنني لا أستطيع أن أمارس الرقابه
على فراشة تسبح في دمي .
لا أستطيع أن أمنع عريشة ياسمين
من التسلق على أكتافي ..
لا أستطيع أن أخبئ قصيدة حب تحت قميصي ..
وإلا انفجرت بي ..
6
يا سيدتي :
أنا رجل مفضوح بالشعر ..
وأنت امرأة مفضوحة بكلماتي ..
أنا رجل لا ألبس إلا عشقي .
وأنت امرأة لا تلبس إلا أنوثتها ..
فإلى أين نذهب يا حبيبتي ؟
وكيف نعلق إشارات الحب على صدورنا؟
ونحتفل بعيد القديس فالنتاين ..
في عصر لا يعرف ما هو الحب؟؟
7
يا سيدتي :
كنت أتمنى أن أحبك في عصر آخر .
أكثر حناناً ، وأكثر شاعريه ..
وأكثر إحساساً برائحة الكتب .. ورائحة الياسمين ..
ورائحة الحريه!!.
8
كنت أتمنى أن تكوني حبيبتي
في عصر شارل أزنافور ..
وجولييت غريكو ..
وبول إيلوار ..
وبابلو نيرودا ..
وشارلي شابلن ..
وسيد درويش ..
ونجيب الريحاني ..
9
كنت أتمنى أن أتعشى معك
ذات ليلة في فلورنسه .
حيث تماثيل ميكيل أنجلو
لا تزال تتقاسم مع زوار المدينه
الخبز .. والنبيذ ..
10
كنت أتمنى أن أحبك
في عصر سيادة الشمع .. والحطب ..
والمراوح الإسبانيه ..
والرسائل المكتوبة بريشة الطائر ..
وفساتين التفتا القزحية الألوان ..
لا في عصر موسيقى الديسكو ..
وسيارات الفيراري ..
وسراويل الجينز المزقه !!
11
كنت أتمنى أن أقابلك في عصر آخر .
تكون فيه السلطة بيد العصافير ..
أو بيد الغزلان ..
أو بيد طيور البجع ..
أو بيد حوريات البحر ..
أو بيد الرسامين ، والموسيقيين ، والشعراء ..
أو بيد العشاق ، والأطفال ، والمجانين ..
12
كنت أتمنى أن تكوني لي ..
في عصر لا يضطهد الورد ، ولا الشعر ،
ولا الناي ، ولا أنوثة النساء ..
ولكننا بكل أسف وصلنا متأخرين ..
وبحثنا عن وردة الحب
في عصر لا يعرف ما هو الحب!! ..
أحبك ، وأقفل القوس
لا أستطيع أن أحبك أكثر ..
لقد كتبت بالخط الكوفي
على أساور الحمام
وأباريق النحاس الدمشقي
وقناديل السيدة زينب
وجوامع الآستانة
وقباب غرناطة
وعلى الصفحة الأولى من الإنشاد ،
وأقفلت القوس ..
أنت عادة كتابية لا شفاء منها ،
عادة احتلال ، وتملك ، واستيطان ،
عادة فتح ، وفتك ، وبربرية ،
أنت عادة مشرشة في لحم كلماتي ،
فإما أن تسافري أنت ..
وإما أن أسافر أنا ..
وإما أن تسافر الكتابة ..
جمالك ..
يحرض ذاكرتي الثقافية ،
ويكهرب لغتي ..
وأصابعي ..
وجسد الورقة البيضاء ..
جمالك ..
يشعل البروق في أثاث غرفتي
وشراشف سريري ..
ويربط أسلاك الرجولة
بيني وبين نون النسوة ..
وتاءات التأنيث ..
فكيف أتحاشاك يا امرأة ..
حتى القبح إذا اقترب منك
يصبح جميلا ..
أنت اللغة التي
يتغير عدد أحرفها ، كل يوم ،
وتتغير جذورها ..
ومشتقاتها ..
وطريقة إعرابها ..
كل يوم ..
أنت الكتابة السرية
التي لا يعرفها
إلا الراسخون في العشق ..
أنت الكلام الذي يغير في كل لحظة
كلامه ..
كل نهار ،
أتعلمك عن ظهر قلب ،
أتعلم خرائط أنوثتك ..
وسيراميك خضرك ..
وموسيقى يديك ..
وجميع أسمائك الحسنى
عن ظهر قلب ..
كل صباح أدرسك
كما أدرس تفاصيل الوردة ..
ورقة .. ورقة ..
تويجا .. تويجا ..
وأذاكرك كما أذاكر
كونشرتو البيانو لموزارت
أو قصيدة غزل
من العصر العباسي ..
أيتها المرأة المعجونة بأنوثتها
كفطيرة العسل،
والمعجونة بدم قصائدي
ودم شهواتي،
يا امرأة الدهشة المستمرة
يا التي بداياتها
تلغي نهاياتها
وأولها يلغي آخرها ..
وشفتها السفلى ..
تأكل شفتها العليا ..
أيتها المرأة
التي تتركني معلقا
بين الهاوية و الهاوية ..
أيتها المرأة ـ المأزق
أيتها المرأة ـ الدراما
أيتها المرأة ـ الجنون
أخاف أن أحبك ..
أحزان أندلسية
كَتبْتِ لي يا غَاليةْ ..
كتبتِ تسألينَ عن إسبانيةْ ..
عن طارقٍ، يفتحُ باسمِ الله دُنْيا ثانيةْ ..
عنْ عُقْبةَ بْنَ نافعٍ
يَزْرعُ شَتْلَ نَخلةٍ ..
في قلبِ كلِّ رابيةْ ..
سألتِ عن أميةٍ ..
سألتِ عن أميرِها مُعاويةْ ..
عَنِ السَّرايا الزَّاهيةْ ..
تحملُ من دمشقَ .. في رِكابِها
حضارةً وعافيةْ ..
لم يبقَ في إسبانيةْ ..
منّا، ومن عصورنا الثمانيةْ ..
غيرُ الذي يبْقى من الخمرِ،
بجوف الآنيةْ ..
وأَعْيُنٍ كبيرةٍ .. كبيرةٍ
ما زال في سَوَادِها ينامُ ليلُ الباديةْ ..
لمْ يَبْقَ منْ قرطبةٍ
سوى دموعُ المئذناتِ الباكيةْ ..
سوى عبيرِ الوُرودِ، والنارِنْجِ والأَضَاليَةْ ..
لم يَبْقَ منْ وَلَّادةٍ ومن حكايا حُبها ..
قافيةٌ ولا بقايا قافيةْ ..
لم يبقَ من غَرْناطةٍ
ومن بني الأحمر ..
إلا ما يقول الرَّاويةْ ..
وغيرُ " لا غالبَ إلا الله"
تلقاك في كلِّ زاويةْ ..
لم يبقَ إلا قصرُهمْ
كامرأةٍ من الرخامِ عاريةْ ..
تعيشُ ـ لا زالتْ ـ على
قصَّةَ حُبٍّ ماضيةْ ..
مَضَتْ قرونٌ خمسةٌ
مذ رحلَ " الخليفةُ الصغيرُ"
عن إسبانيةْ ..
ولمْ تَزَلْ أحْقادُنا الصَّغيرةُ ..
كما هيَ ..
ولم تزلْ عقليةُ العشيرةِ
في دَمنا كما هيَ
حوارُنا اليوميُّ بالخناجرِ ..
أفكارُنا أشبهُ بالأظافرِ
مَضت قرونٌ خمسةٌ
ولا تزالُ لفْظةُ العُروبةِ ..
كزَهْرةٍ حزينةٍ في آنيةْ ..
كطفلةٍ جائعةٍ وعاريةْ ..
نَصْلبُها على جِدارِ الحِقْدِ والْكَرَاهيةْ ..
مَضَتْ قُرونٌ خَمْسةُ .. يا غاليةْ ..
كَأنْنا ..
نَخْرُجُ هذا اليومَ مِنْ إِسْبانيةْ ..
أحلي خبر
كَتَبْتُ " أُحبُّكِ " فوقَ جدار القَمَرْ
" أُحبُّكِ جدّاً "
كما لا أَحَبَّكِ يوماً بَشَرْ
ألمْ تقرئيها ؟ بخطِّ يدي
فوق سُورِ القَمَرْ
و فوق كراسي الحديقةِ ..
فوقَ جذوع الشَجَرْ
وفوق السنابلِ ، فوق الجداولِ ، فوقَ الثَمَرْ ..
و فوق الكواكب تمسحُ عنها .. غُبارَ السَفَرْ ..
حَفَرتُ " أُحبُّكِ " فوق عقيق السَحَرْ
حَفَرتُ حدودَ السماء ، حَفَرتُ القَدَرْ ..
ألم تُبْصِريها ؟
على وَرَقات الزهَرْ
على الجسر ، و النهر ، و المنحدرْ
على صَدَفاتِ البحارِ ، على قَطَراتِ المطرْ
ألمْ تَلْمَحيها ؟
على كُلِّ غصنٍ ، و كُلِّ حصاةٍ ، و كلِّ حجرْ
كَتبتُ على دفتر الشمس
أحلى خبرْ ..
" أُحبُّكِ جداً "
فَلَيْتَكِ كُنْتِ قَرَأتِ الخبرْ
أحمر .. أحمر .. أحمر
1
لا تُفكْرْ أبداً .. فالضوْءُ أحْمَرْ
لا تُكلّمْ أحداً .. فالضوْءُ أحْمَرْ
لا تُجادلْ في نصوصِ الفِقْهِ ، أوْ في النَحْوِ ، أو في الصّرْفِ ،
أو في الشِّعْرِ ، أو في النثرِ ،
إن العَقْلَ ملْعونٌ ، ومَكْروهٌ ، ومُنْكَرْ ..
2
لا تُغادِرْ قُنَّكَ المَخْتومَ بالشَّمْعِ ،
فإنَّ الضَّوْءَ أحْمَرْ
لا تُحِبَّ امرأةً .. أوْ فأْرةً
إنَّ ضوْءَ الحبِّ أحْمَرْ
لا تُضاجِعْ حائِطاً ، أوْ حجَراً ، أوْ مَقْعَداً ..
إنَّ ضوْءَ الجِنْسِ أَحْمَرْ ..
ابْقَ سِرِّيْاً ..
ولا تَكشِف قراراتِكَ حتى لذبابَهْ ..
ابْقَ أمِّيْاً .. ولا تدْخل شريكاً في الزنا أوْ في الكتابَةْ ..
فالزنا في عصرنا أهْوَنُ مِنْ جُرْمِ الكِتابَةْ ..
3
لا تُفَكِّرْ بعصافيرِ الوَطَنْ
وبأشجارِ الوَطَنْ ، وأنهارِ ، وأخْبارِ الوَطَنْ
لا تُفَكِّرْ بالذينَ اغتصبوا شَمْسَ الوَطَنْ
إنَّ سيفَ القَمْعِ يأتيكَ صباحاً
في عناوينِ الجريدَةْ ..
وتفاعيلِ القصيدةْ ..
وبقايا قَهْوَتِكْ
لا تَنَمْ بينَ زراعَيْ زَوْجَتِكْ
إنَّ زوارَكَ عنْدَ الفَجْرِ ..
موجودون تَحْتَ الكَنَبَةْ ..
4
لا تُطالِعْ كتاباً في النَقْدِ أو في الفَلْسَفَةْ ..
إنَّ زوارَكَ عنْدَ الفَجْرِ ..
مزروعونَ ، مثْلَ السوسِ ، في كُلَِ رفوفِ المَكْتبةْ ..
ابْقَ في برميلِكَ المملوءِ نمْلاً .. وبعوضاً .. وقمامةْ
ابْقَ من رِجْلَيْكَ مشنوقاً إلي يوْمِ القيامةْ
ابْقَ من صوْتِكَ مشنوقاً إلي يوْمِ القيامةْ
ابْقَ مِنْ عَقْلِكَ مشنوقاً إلي يوْمِ القيامةْ
ابْقَ في البرميلِ حتى لا تري
وجْهَ هذي الأمَّة المُغْتصَبَةْ ..
5
أنتَ لو حاوَلتَ أن تَذهبَ للسلطانِ ،
أو زوجَتِهِ ، أو صِهْرِهِ المسئولِ عنْ أمْنِ البلادْ
والذي يأْكُلُ أسْماكاً .. وتُفَّاحاً .. وأطفالاً ..
كما يأْكُلُ منْ لَحْمِ العبادْ ..
لوجَدْتَ الضوْء أحْمَرْ ..
6
أنتَ لو حاولْتَ أن تقْرأَ يوماً
نشْرَةَ الطَقْسِ ، وأسماءَ الوفيَّاتِ ، وأخبارَ الجرائِمْ
لَوَجَدْتَ الضَوْءَ أحْمَرْ ..
أنْتَ لو حاوَلْتَ أنْ تسْألَ عن سعْرِ دواء الربْوِ ..
أو أحذيَةِ الأطفالِ .. أو سِعْرِ الطماطِمْ ..
لَوَجَدْتَ الضَوْءَ أحْمَرْ ..
أنْتَ لوْ حاوَلْتَ أن تقْرأَ يوماً صَفْحَةَ الأبراجِ ..
كي تَعْرِفَ ما حَظُّكَ قَبْلَ النِفْطِ ، أو حظَّكَ بَعْدَ النِفْطِ ..
أوْ تَعْرِفَ ما رَقَمُكَ بينَ طوابيرِ البهائِمْ ..
لَوَجَدْتَ الضَوْءَ أحْمَرْ ..
7
أنْتَ لو حاوَلْتَ أن تبْحَثَ عنْ بيتٍ منَ الكَرْتونِ يَأْويكَ ..
أوْ سيدةٍ ـ من بقايا الحرب ـ ترضي أنْ تُسلِّكَ ..
وعَنْ نَهْديْنِ مَعْطوبَيْنِ .. أو ثلاجَةٍ مُسْتَعْمَلَةْ ..
لَوَجَدْتَ الضَوْءَ أحْمَرْ ..
أنتَ لو حاوَلْتَ أن تَسألَ أسْتاذَكَ في الصفِّ .. لماذا ؟
يتسلي عربُ اليوْمِ بأخْبارِ الهزائِمْ ،
ولماذا عَرَبُ اليوْمِ زجاجٌ فوقَ بعْضٍ يتَكَسَّرْ ؟
لَوَجَدْتَ الضَوْءَ أحْمَرْ ..
8
لا تُسافِرْ بجوازٍ عربيٍّ ..
لا تُسافِرْ مَرَّةً أخْرى لأوروبا ..
فأوروبا ـ كما تَعْلَمُ ـ ضاقتْ بجَمْعِ السُفَهاءْ
أيها المنبوذُ ، والمشبوهُ ، والمطرودُ منْ كلِّ الخرائِطْ
أيها الديكُ الطَعينُ الكِبْرياءْ ..
أيها المَقتولُ من غيْرِ قتالٍ
أيها المذبوحُ من غيْرِ دماءْ
لا تُسافِرْ لبلادِ اللهِ .. إنَّ اللهَ لا يرْضي لقاءَ
الجُبناءْ ..
9
لا تُسافِرْ بجوازٍ عربيٍّ ..
وانتَظِرْ كالجِرْذِ في كلِّ المَطاراتِ .. فإنَّ الضوْءَ أحْمَرْ
لا تَقُلْ باللغةِ الفُصْحى : أنا مروانُ .. أو عدنانُ ..
أو سَبْحانُ ..
للبائِعَةِ الشَّقْراءَ في " هارودْز "
إنَّ الاسْمَ لا يعني لها شيْئاً
وتاريخُكَ ـ يا مولايَ ـ تاريخٌ مُزَوَّرْ ..
10
لا تُفاخِرْ ببطولاتِكَ في " الليدو " ..
فسوزانُ .. وجانينُ .. وكوليتُ ..
وآلافُ الفِرنْسياتِ لمْ يَقْرأْنَ يوماً ..
قصَّةَ الزيرِ وَعنْتَرْ !!
أنتَ تبدو مُضْحِكاً في ليلِ باريسَ ..
فَعُدْ فوراً إلي الفُنْدُقِ .. إنَّ الضوْءَ أحْمَرْ ..
11
لا تُسافِرْ بجوازٍ عربيٍّ ..
بينَ أحياءِ العرَبْ
فهُمْ من أجلِ قِرشٍ يقْتُلونَكْ ..
وهُمُ ـ حينَ يجوعونَ مساءً ـ يأكُلونَكْ
لا تكُنْ ضيْفاً علي حاتِمِ طيٍّ
فَهْوَ كَذَّابٌ .. ونَصَّابٌ ..
فلا تَخْدَعْكَ آلافُ الجواري ..
وصناديقُ الذّهَبْ ..
12
يا صديقي :
لا تَسِرْ وَحْدَكَ ليلاً ..
بينَ أنيابِ العَرَبْ ..
أنْتَ في بيتِكَ مَحْدودُ الإقامَةْ ..
أنتَ في قوْمِكَ مَجْهولُ النَّسَبْ ..
يا صديقي :
رَحِمَ اللهُ العَرَبْ !!!
أحمر الشفاه
كمْ وشْوَشَ الحقيبةَ
السوداءَ .. عنْ جَواهْ
وكَمْ روى للمِشْطِ
والمرآةِ .. ما رآهْ
على فَمٍ أغْنى
من اللوْزةِ فَلْقَتاهْ
يَرْضَعُ حَرْفَ مِخْمَلٍ
تَقْبيلُةُ صلاةْ
دِهانُهُ النَّارُ
وما تَحَرَّقَتْ يداهْ
ليْسَ يَخافُ الجَمْرَ
مِنْ طعامهِ الشفاهْ
وارْتَفَّ .. والْتَفَّ .. على
ياقوتَةٍ .. وَتَاهْ
يَمْسحُها .. فللوُعُودِ
الهُجْعِ انْتباهْ
سَكْرانُ بيْنَ إصْبعَيْنِ
جَدْولَي مِياهْ
يَغْزلُ نِصْفَ مَغْربٍ
كأنَّه اِلهْ ..
حيثُ جَرَتْ ريشةٌ
فالرِّزْقُ و الرَّفاةْ
يُهْرِقُ في دائرةٍ
مضيئَةٍ دِماهْ ..
مَداهُ .. قَوْسُ لازَوَرَّدٍ
لَيْتَ لي مَداهْ
يَرُشُّ رَشَّةً هُنا
حَمْراءَ .. مِنْ دِماهْ
ويوقِدُ الشُّموعَ ..
حَيْثُ غُلْغِلَتْ خُطاهْ
إذا تَمَّ دَوْرةً
قالَ العقيقُ : آهْ
أَنْتَ شفيعي عِنْدها
يا أَحْمرَ الشِّفاهْ ..
أخاف
أخافُ أنْ أقولَ أني أُحِبُّها
( أُحِبُّها )
فالخَمْرُ في جِرارِها تَخْسَرُ شَيْاً
عندما .. نَصُبُّها
أخبروني
أخبـروني بأن حسـناءَ غيـري
يا صـديقي ، حلـت محـلي
أخبـروني بالأمـسِ عنْـكَ وعنها
فلمـاذا يا سيدي .. لَمْ تَقُلْ لي ؟
ألـفُ شُـكْرٍ يا ذابِحـاً كِبْـريائي
أَوَهـذا جـوابَ حبي وبَذْلي ؟
أنـا أعْطيْتُكَ الـذي ليـسَ يُعْطي
من حيـاتي ، وأنت حاوَلْتَ قتلي
يا رَخيصَ الأشْواقِ .. خَمسَ سنينٍ
كُنْتُ أبْني عـلي دُخانٍ .. ورَمْلِ
كـانَ عِـطري لديْكَ أجمـلَ عِطْرٍ
كانَ شـعْري عليـكَ شَلالَ ظِلِّ
كانَ ثـوبي البنَفْسَـجيُّ ربيـعاً
كَمْ عـلي زَهْـرةٍ ، جلسْتَ تُصلي
وأنا اليـومَ ، لَسْـتُ عنْدَكَ شيْئاً
أيْنَ عيْنايَ ؟ أيْنَ طيبي وكُحلي ؟
لا تلامِـسْ يـدي بغَيْـرِ شُعورٍ
عِنْـدَكَ الآنَ من تَحِـلُّ محلي
سـأُصلِّي لكـي تكونَ سـعيداً
في هواهـا ، فَهَلْ تُصَلِّي لأجلي ؟
أنْتَ طِفلي الصَّغـيرُ ، أنتَ حبيبي
كيْفَ أقْسو علي حبيبي وطِفْلي ؟
هيَ في غُـرْفَةِ انتِـظارِكَ فـاذْهَبْ
بيْنَ أحْضـانها ، سَتَعْرِفُ فَضلي
يا صـديقي شُـكراً ، أنـا أَتَمَني
لَوْ وَجَـدْتَ التـي تُحِبُّكَ مِثْلي
اختاري
1
إني خيَّرتُكِ .. فاختاري
ما بينَ الموتِ على صدري ..
أو فوقَ دفاترِ أشعاري ..
اختاري الحبَّ .. أو اللاحبَّ
فجُبنٌ ألا تختاري ..
لا توجدُ منطقةٌ وسطى
ما بينَ الجنّةِ والنارِ ..
2
ارمي أوراقكِ كاملةً ..
وسأرضى عن أيِّ قرارِ ..
قولي ، انفعلي ، انفجري
لا تقفي مثلَ المسمارِ ..
لا يمكنُ أن أبقى أبداً
كالقشّةِ تحتَ الأمطارِ
اختاري قدراً بين اثنينِ
وما أعنفَها أقداري ..
3
مُرهقةٌ أنتِ .. وخائفةٌ
وطويلٌ جداً .. مشواري
غوصي في البحرِ .. أو ابتعدي
لا بحرٌ من غيرِ دوارِ ..
الحبُّ .. مواجهةٌ كبرى
إبحارٌ ضدَّ التيارِ
صَلبٌ .. وعذابٌ .. ودموعٌ
ورحيلٌ بينَ الأقمارِ ..
يقتُلني جبنُكِ .. يا امرأةً
تتسلى من خلفِ ستارِ ..
إني لا أؤمنُ في حبٍّ
لا يحملُ نزقَ الثوارِ ..
لا يكسرُ كلَّ الأسوارِ
لا يضربُ مثلَ الإعصارِ ..
آهٍ .. لو حبُّكِ يبلعُني
يقلعُني .. مثلَ الإعصارِ ..
4
إنّي خيرتك .. فاختاري
ما بينَ الموتِ على صدري
أو فوقَ دفاترِ أشعاري
لا توجدُ منطقةٌ وسطى
ما بينَ الجنّةِ والنّارِ ..
اختزال
1
لأني أُحِبُّك ..
أَصْبَحْتِ واحدَةً مِنْ أهَمْ النِساءْ ..
وأسسْتُ عصْراً جديداً
وديناً جديداً
وأَصْبَحْتِ في كتُبِ الشِّعْرِ مَحْفوظَةً
وفي كُتُبِ الأنبياءْ ..
2
لأني أُحِبُّكِ ..
أَصْبَحْتِ ثامِنَةَ المُعْجزاتْ
وَكَنْزَ الكُنوزِ ..
وسيدة السيداتْ ..
وأصْبحَ خَصْرُكِ مَعْزوفةً
مِنْ مقامِ البياتْ ..
3
لأني أُحِبكْ ..
أصْبَحْتِ مَخْزونَةً في تراثِ الشُعوبْ
وَمَقْروءةً في جميعِ اللغاتْ
لأني أُحِبكْ ..
صِرْتِ كنيسَةَ حُبي
وأصْبَحْتُ أَعْرِفُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ
طُقوسَ الصلاةْ ..
4
لأني أُحِبكْ ..
يَغْدو السوادُ بعَيْنَيْكِ ، عِنْدَ اللقاءِ
أشَدَّ سوادا ..
وتغْدو يدايَ طُيُوراً
وَيَغْدو حنيني بلادا
وأَعْرِفُ أني إذا ما دَخَلْتُ مغارةَ نَهْديْكِ يوماً
أَصيرُ رمادا ..
5
لأني أُحِبكْ ..
يَمْتَلئُ البحْرُ قَمْحاً
ويَشْتَعِلُ الأُفقُ بالنار والأرْجُوانِ
وتَبْدو شِفاهُكِ من غَيْر عُمْرٍ
وتَبدو هضابُكِ مِنْ غيْرِ عُمْرٍ ..
وتبْدو اسْتدارةُ خَصركِ مِنْ غَيْرِ عُمْرٍ ..
فأخلطُ بيْنَ العُصورِ وبيْنَ الثواني ..
6
لَيُدْهشُني فيكِ ..
أنَّكِ لا تَكْبُرينَ ..
ولا تَذْبُلينَ ..
ولا تَنْحَنينَ ، كما شَجرُ السِنْديانِ ..
ويُذْهِلُني ..
أنَّ نَهْدَيْكِ لا يَتْعبانِ ..
ولا يُلْقيانِ السلاحَ ..
ولا يَخْشَيانِ مرورَ الزّمانِ ..
7
لأني أُحِبكْ ..
أرْسَلْتُ روحي إلَيْكِ
فأنْجَبْتِ مِنِّي هلالا
وأنْجَبْتِ مني غزالا
وأنْجَبْتِ مني طيوراً ..
وديوانَ شِعْرٍ ..
وأنْهارَ ماءْ
8
أيا امْرأةً يَتلاقي الحمامُ الدِمَشْقيُّ فوْقَ مياه يدَيْها
ويبْدأُ فَصْلَ السّفَرْجَلِ ..
والخوخِ .. والتينِ ..
منْ شفَتيْها ..
يُعَقِّدني فيكِ هذا الهُدوءُ المُلُوكيُّ
هذا الجبينُ الرّّسوليُّ
هذا الحُضورُ الحضاريُّ
هذا المَزيجُ العَجيبُ
مِنَ الماءِ ، والنارِ ، والكِبْرِياءْ ..
9
لأني أُحِبكْ ..
أَشْعُرُ أني تَحَرّرْتُ منْ كلّ شيءٍ
وَمَزَّقْتُ رَسْمي القديمْ
وألْغَْتُ اسْمي القَديمْ
وبَعْثَرْتُ أوْراقَ جنْسيتي في الهواءْ
لأني أُحِبُّكِ ..
أدْرَكْتُ أبْعادَ حُرِّيتي
وأدْرَكْتُ سِرَّ العلاقةِ
بيْنَ اكْتشافِ العُيونِ
وبيْنَ اكْتِشافِ الفَضاءْ ..
10
لأني أُحبُّكِ .. أصْبَحْتُ مُكْتَفياً باكْتفائي
ومُقْتَنِعاً أنَّ حبَّكِ أعْظمُ حِزْبٍ دخَلْتُ إليْهِ ..
وأرْحَمُ صَدْرٍ لجأْتُ إليْهِ ..
وأحْلي انْتماءْ ..
فماذا تُفيدُ الخيانَةُ ؟
حينَ تكونينَ أنتِ السماءَ ..
وما قدْ يدورُ وراءَ السّماءْ ..
وماذا يُفيدُ التَّنَقُّلُ بيْنَ الخواتِمِ مِنْ كُلِّ لوْنٍ ..
وبيْنَ المَليحاتِ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ ..
وبيْنَ الج